منتدى لذة العقل
أهلاً بك زائرنا العزيز نرجو لك الاستمتاع و الانتشاء بلذة العقل و ندعوك للتسجيل لتصبح عضواً مشاركاً في منتدى لذة العقل
منتدى لذة العقل
أهلاً بك زائرنا العزيز نرجو لك الاستمتاع و الانتشاء بلذة العقل و ندعوك للتسجيل لتصبح عضواً مشاركاً في منتدى لذة العقل
منتدى لذة العقل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى لذة العقل

منتدى ينظر إلى العالم بدهشة النظرات الأولى ... ليس هناك ما هو اعتيادي في الوجود إذا عرفت كيف تنظر .
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» الحق اقووووي عروض كاميرات المراقبة 2016
لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالثلاثاء 22 نوفمبر 2016, 6:06 pm من طرف كاميرات مراقبة

» لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ
لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالثلاثاء 11 أكتوبر 2016, 4:51 pm من طرف عظيمة

» شركة ديكورات وتشطيب شقق,. تشطيب فيلل 2016
لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالأحد 25 سبتمبر 2016, 7:49 pm من طرف كاميرات مراقبة

» أقوي سنترالات باناسونيك في مصر 2016
لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالأحد 25 سبتمبر 2016, 7:39 pm من طرف كاميرات مراقبة

» لماذا كان الإسراء ليلاً ولم يكن نهاراً
لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالجمعة 19 فبراير 2016, 10:58 pm من طرف اسكن عيونى

» التصوف عين مقام الإحسان
لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالجمعة 04 ديسمبر 2015, 12:57 am من طرف اسكن عيونى

» العقاب بالضرب في التربية الإسلامية
لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالإثنين 16 نوفمبر 2015, 7:50 pm من طرف اسكن عيونى

» الإصلاح بين المسلمين نوافل المقربين
لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالجمعة 25 سبتمبر 2015, 11:02 am من طرف اسكن عيونى

» الدعوة للإصلاح والصلاح وسبيل النجاح والفلاح
لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالإثنين 31 أغسطس 2015, 12:19 am من طرف اسكن عيونى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم

 

 لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
منير قنيش





لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ Empty
مُساهمةموضوع: لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ   لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالسبت 11 مايو 2013, 7:20 am

رسالة إنسان إلى كل إنسان




سلام تام بوجود نظام عام

وبعد،


المعرفة الصحيحة سر الحياة السعيدة


تحت هذا الشعار، قامت دراستي وبحثي في المعرفة الإنسانية التي من خلالها وجدت ثغرات كبيرة ومتعددة يتفرق مجموعها على أرضية الفكر تحول بين الحقيقة الكلية وكل من حاول السعي وراءها، ومن أجل هذا الغرض فكرت في أن أجمع في كتاب "لذة العقل" النتائج والمعلومات التي توصلت إليها بعد سنين من البحث والدراسة الحرة بعيدا عن جدران الجامعة، موفقا في ذلك بكل الوسائل المتاحة بين حياتي الفكرية هذه وحياتي العملية والأسرية، ثم أعرضه عليك أخي الإنسان.

لقد حاولت في كتابي هذا أن أطلعك على مسألة في غاية الأهمية وعلى مفهوم جديد يمكنك من استيعاب معنى النظام الذي لا غنى عنه بالنسبة إليك من أجل فهم عميق للتواصل الذي يربطك بالآخر، بالطبيعة وبالله في آن واحد، وإنني لأرجو أن تجد فيه ما يجعلك تستطعم ذوق هذا النظام وتستمتع بلذة العقل المذهلة.







أخي الإنسان،


لا يخفى على أحد حال واقعنا الاجتماعي المؤسف الذي نعيشه الآن نحن هنا وكذلك أنتم هناك والآخرون في كل مكان، واقع يجتمع فيه الأخلاقي مع اللاأخلاقي و تتناقض فيه القوانين مع الظواهر، كما تحدث فيه أشياء أخرى غريبة نستشعرها فقط دون أن نراها مثلما نستشعر ألم المرض دون أن نراه. وبالرغم من أننا نجد أنفسنا لا نطيقه فنحن نتقبله ونتأقلم معه بكل الوسائل الممكنة. لقد أصبحنا نعيش حالة اجتماعية زائفة. ومهما وصل الأمر فالواحد منا لا يستطيع أن يعيش بدون الآخر وبدون الاحتكاك معه وإلا فلا حاجة له للمبادئ والمنهجيات، ومن ثمة لا أحد يقدر على العيش داخل المجتمع حرية مطلقة إلا في حالة ما إذا أخذ بالمفهوم الصحيح للحرية الذي هو التخلص من قيود الغريزة لا من قيود المجتمع.

ومما لا شك فيه أن الوضع الحالي لعالمنا هو مرآة تعكس صورة الوضع الحالي لفكرنا الذي أصبح مشوبا بفوضى يعود سببها إلى أفكار فاسدة سائدة اعتمد في بنائها على مناهج أحادية مختلفة كالعلمي المتعصب أو الديني المتطرف أو الفلسفي الجاف بالرغم من وجود ميدان عمل واحد مشترك بين الأصناف الثلاثة هو الذهن، أداة عمل واحدة هي العقل ووجود غاية واحدة يسعى كل صنف إلى تحقيقها بطريقته الخاصة وهي خدمة الإنسان.
إن هذه الأفكار الفاسدة السائدة التي قسمت العالم وأساءت له مآلها الاندحار والتلاشي وبناءها سيسقط لا محالة عاجلا أم آجلا ، هذا بالإضافة إلى أن البناء المغشوش تسبق انهياره لحظات يتعرض خلالها هذا الأخير إلى هزات وانكسارات تكون شديدة كلما اشتد الظرف المسبب لها، ولعل أن الهزات التي تعرضت إليها الإنسانية سابقا والتي تتعرض إليها الآن أهون بكثير مما ستتعرض إليه لاحقا إذا استمرت في إتباع نفس الأساليب في عملية استكمال تشييد البيت الفكري.


الفصل الأول

النظمة الثلاثية الفكرية

هي وحدة نظام الفكر تهدف في نشاطها إلى تنظيم الفكر وتحقيق التوافق بين الدين والفلسفة والعلم، وهذه الوحدة هي الأسرة الفكرية.
إن النظمة الثلاثية الفكرية أو الأسرة الفكرية تعتبر الجزء الذي لا يتجزأ في نظام الفكر وإذا تجزأت فلن يبقى هناك نظام وستسود الفوضى كالتي تنتج عن سقوط نظام مجتمع ما أو تلك التي تلي تجزيء الذرة (الانشطار النووي) التي تعتبر الجزء الذي لا يتجزأ في نظام المادة.

1 حول ماهية الفكر

يمكن حصر تعامل الإنسان مع كل الموجودات إضافة إلى التأثير الحاصل بينهما داخل مجموعة واحدة نطلق عليها اسم الفكر، تستلزم وجود مجموعة تعريف كما في الرياضيات يؤول حسبها في حل كل المسائل إلى معادلات فكرية متوازنة. ومثلما يوجد بين المسائل ما هو موضوعي يعتمد على الحقيقة في حله، يوجد كذلك ما هو اعتقادي يعتمد على المسلمات من أجل إقرار توازنه مما يترتب على ذلك أن يصبح التوازن الذي تعرفه المعادلات الفكرية تختلف درجات استقراره حسب اختلاف مناهج التفكير. فهناك من ينظر إلى فكرة معينة على أنها صحيحة وغير قابلة لتأويلات أخرى مكتفيا لاقتناعه بأسباب ربما قد تكون تافهة بينما ينظر آخر لنفس الفكرة نظرة مغايرة مستخدما أساليب تفوق حدتها المنطقية حدة الأولى، ولهذا السبب تأخذ المعرفة، التي هي مجموع المعادلات الفكرية المتوازنة، ألوانا عديدة فنجد مثلا المعرفة العامية، المعرفة الدينية، المعرفة العلمية، المعرفة الفلسفية...، و من الواجب علينا أن نميز بين أنواعها ولا نضع ثقتنا إلا في أفضلها، إذ أن أرقى أنواع المعرفة هو ما يأتي عن طريق الاستدلال السريع والإدراك المباشر كما ندرك أن الكل أكبر من الجزء. وهذه الطريقة البديهية يعرفها الكثير عن إقليدس الذي يعترف بحسرة أن الأشياء التي تمكن من معرفتها عن طريق هذا النوع من المعرفة قليلة جدا.

وإذا كانت الفكرة مهما بلغ صوابها لا بد وأن يتم التحقق منها ومن الأسباب التي أدت إلى تصديقها فإن بعض الأفكار توجد ضمن مجموعة الفكر تتطلب منا أن نثور عليها، فكم من نظرية آمن الناس بها ووضعوها فوق كل جدل ثم تلاشت بعد ذلك وأصبحت لا شيء. ولو وجد ثمة اتفاق بين فكرة وموضوع فلا يعني ذلك أنه حقيقة إلا في حالة ما إذا تخلص الموضوع من أهواء المفكر وميوله لأن في صميم كل فرد تصور ذاتي عميق له سلطة بالغة في تحديد موقفه من مجرى الأحداث، وقيمة الموقف أو الرأي تتعلق بكفاءة صاحبه وحريته في التفكير وللتربية والتعليم في ذلك أثر كبير.
وكيفما كان الحال، فالتعامل مع الموجودات وارتباط الإنسان بنفسه، بالآخرين وبالأشياء كلها هو تفاعل معها تخضع فيه الأفكار إلى التحلل مثلما تتحلل الجزيئات في التفاعل الكيميائي من صيغة إلى أخرى. وحسب ما هو معلوم، حدوث التفاعل لا يتم إلا بوجود أجساما متفاعلة وحافزا يساعد على التفاعل ففي غياب الأوكسجين مثلا يتوقف الاحتراق كما تتوقف عدة تفاعلات كيمائية لهذا يصبح من الضروري توفير الحقيقة التي من شأنها أن تلعب دور الحافز في التفاعل الفكري لأنها ستساعد على تفكيك الأفكار من أجل إعادة صياغتها. وتفيد التجارب أن كمية هذا الحافز كلما كانت كبيرة كلما كان ناتج التفاعل الفكري جيد ومفيد. ولما كان لكل تفاعل أجساما جديدة تنتج عنه فإن ناتج التفاعل الفكري هو فكرنا العملي الذي هو سلوكنا، أعمالنا وإنجازاتنا، ولهذا السبب ينبغي علينا أن نفكر في كيفية تخليص الفكر من الفوضى وفي تقوية أسس بناء البيت الفكري الذي تسكنه عقولنا جميعا؛ الأمر الذي يتطلب البحث عن الهفوات والأخطاء التي ارتكبت أثناء عملية بناء الفكر العملي القائم أساسا على تصميم الفكر النظري الذي يحتاج هو الآخر إلى الإحاطة بكل جوانبه لعل الهفوات تكون قائمة فيه ثم ملاحظة الأجزاء المهملة التي تخلى الإنسان عنها ولم يتناولها بالتهذيب كما يتطلب كذلك فحص عيوب المعرفة وحاجاتها وإمكانياتها ووسائلها والإشارة إلى المشاكل الجديدة التي تنتظر إلقاء الضوء عليها، ولعل ما يتطلبه تطوير المعرفة الإنسانية هو تطهير العقل وتنقيته من بعض التصورات والمفاهيم القديمة وذلك بتصحيح الأخطاء المرسخة فيه والأوهام المتجلية في الصور التي ترتسم في الأذهان عن حقيقة الأشياء. هذه هي المهمة التي على العقل أن ينشغل بها متحديا كل الخلافات القائمة بين التيارات الفكرية لأنه هو المسؤول الوحيد عن حل مشاكل الإنسان، فهو مؤسس الفكر وصانع الرموز وبفضله اتخذت الأشياء صورا لها عند الإنسان، ومن أجل تجنب أي سوء قد ينتج عن ذلك عليه أن يجد حلا للأزمة التي يعيشها البيت الفكري الذي يعتبر ملجأ عقولنا جميعا كما سبق الذكر.

وأول خطوة في هذه العملية استحضار خصائص كل تفكير على حدا قبل أي محاولة توفيقية يكون من شأنها حماية فكر الإنسانية من شر الاصطدام الذي قد يحدث بين أصناف التفكير بسبب التعصب والتطرف واللامبالاة.

أ- الدين

هو مؤسس الأسرة الفكرية وأب العلوم التي تعد الفلسفة أمها، ويعتبر كذلك قوة يرجع إليها الفضل في ظهور المعرفة البشرية وتقدمها باعتباره أول ما حرك مخيلة الإنسان ووجهها لصالح خدمة صاحبها، وهو لا يدعو إلى شيء يتنافى مع مصلحة الإنسان لأنه يهدف إلى تحقيق الخير للإنسانية، لذلك تطلع منذ البداية إلى أن يكون الإنسان خليفة الله على الأرض.

ولقد لعب دورا هاما في تحرير الإنسان من جزء هام من الخرافات والأساطير وفي حمله على العمل من أجل التحرر من السيطرة والاستعباد ومن أجل تحقيق إنسانيته كما أن الطقوس التي جاء بها ودعا إلى ممارستها كالصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها كلها أساليب بقدر ما تقرب الإنسان من الله بقدر ما تدربه وتمرنه على كثير من الآداب والممارسات التي هو بحاجة إليها في حياته اليومية لكي يكون ناجحا. ولم يكن الدين في يوم من الأيام عائقا أمام تقدم الإنسانية وإنما تناقض مصالح الإنسان هو السبب في ذلك لأنه عندما ينصرف الدين عن مهمته عند رجال الدين سيصبح وسيلة للاستغلال لا تخدم سوى مصلحة الأقلية، وكان قد ترتب على مثل هذا التوظيف السيئ للدين أن أطلق عليه أفيون الشعوب.

إن الدين سلاح ذو حدين، يؤدي حسن استعماله إلى التحرر والتقدم كما يؤدي سوء استعماله إلى التدمير والتقيد، وهو لا يقتصر على مصير النفس البشرية في العالم الآخر فقط كما أنه لا يعتمد على اعتقادات في غاية البساطة أو بدون معنى، لأنه بالنظر إلى البداية نجد شيئا لا يمكن معرفته على الإطلاق وهو منطلق يستحيل استبعاده كما يستحيل بلوغه وهذا ما يجمع عليه كل من رجال الدين والفلاسفة. وأهمية الدين بالنسبة إلى العقل لبلوغه الغاية المنشودة كأهمية علامات المرور على الطريق بالنسبة إلى السائق لوصوله إلى المحطة المقصودة.

ب- الفلسفة

تعتبر الفلسفة ثاني تيار فكري عرفه الإنسان. ويعد دورها رئيسيا في تطور المعرفة الإنسانية. وقصة ظهورها إلى جانب الدين الذي نشأت منه تشبه إلى حد كبير قصة ظهور أمنا حواء إلى جانب أبونا آدم الذي خلقت منه، وإذا كان تعايش و تكامل آدم وحواء نتج عنه ظهور كل المجتمعات فإن تكامل الفلسفة والدين تولدت عنه كل العلوم.
إن التعايش الذي تحقق بين الدين والفلسفة منذ زمن بعيد والذي نتج عنه ميلاد العلوم، لم يدم طويلا بسبب خلاف نشأ بينهما أدى إلى الافتراق، فاستقلت الفلسفة عنه وتحملت أعباء صغارها ثم صارت ترفع من شأن العقل وتبحث عن الحقيقة التي تدفع بالإنسان دوما إلى الحركة والنشاط وتنهي أمره بالحيرة والتساؤل. ويعمل العقل في الفلسفة على اكتشاف الوحدة الكامنة في التعارض حتى لو استلزم الأمر استخدام طرق غير مألوفة، فهو في ملاحظته للوقائع يرى أن الطبيعة تتألف من ظواهر مرتبطة فيما بينها وليس من أشياء منعزلة ومنفردة. وكما يحس العقل في الفلسفة ويؤمن بوجود الطبيعة فهو يشعر كذلك بوجود ما وراء الطبيعة ويسلم به. ورغم التعارض الذي يبدو جليا بين التصور الأول والثاني فإن العقل بإمكانه في الفلسفة تصور صورة واضحة لكل ما باستطاعة الإنسان معرفته في الطبيعة أو فيما وراءها.

والعقل هنا لا يتقيد بالمحسوسات المباشرة أثناء انشغاله بالبحث عن نظام الظواهر، لكن بإمكانه اعتمادا على المعطيات الحسية الواردة إليه أن يتوصل إلى معارف تمتد فيما وراء المحسوس، ويتمثل نشاطه الخاص هذا في عملية تكوين المفاهيم الكلية بناءا على المفاهيم الجزئية بعد تجريدها والتأمل فيها. إن تعقب علة ظاهرة واحدة يجر إلى البحث في الكون كله لهذا عندما تصادفه ظاهرة معينة ويتعذر عليه الجواب عن سببها يعيد طرح السؤال عن مدى ارتباطها بالظواهر الأخرى، لأنه يدرك مدى ارتباط ظواهر الكون بعضها ببعض وكذلك مدى تماسك الفروع المختلفة للمعرفة البشرية.
إن الخير الأعظم الذي تود الفلسفة تحقيقه للإنسان هو معرفة الاتحاد الذي يربط العقل بالطبيعة كلها دون أن ننسى السرور الذي تدخله حتى إلى النفس الحزينة فعن طريق الفلسفة لا يتعلم الإنسان دروس التملك التي لا حد لها وإنما يتوجه إلى البحث عن حاجيات العقل أولا أما الحاجيات الأخرى إما أن تتوفر له أو لا حاجة له بها. كما أن السعادة لا تعبر عنده عن اطمئنانه على متطلباته الغريزية، صحيح أن مفهوم السعادة مرتبط بشعور الإنسان باللذة لكن للملذات الغريزية ألوانا عديدة و مختلفة يصعب تحقيقها جملة واحدة، وحتى إن تحققت فهي لحظية ولا تحقق السعادة الدائمة. و عليه، فاللذة الغريزية التي يتمتع بها الحيوان أيضا وحدها ليست كافية لجعل الإنسان مطمئنا وسعيدا.
إن ما يبطل مفعول السعادة هو القلق أو الخوف الذي ينتج عن عدم معرفة الأسباب التي تحرك الأشياء التي تخيفنا، إننا لا نخاف من عدو يكون بوسعنا التغلب عليه، لكن وجودنا في خضم الأسباب الخارجية التي تتقاذفنا من كل ناحية يجعلنا نضطرب ونتساءل دون أن نعرف شيئا عن مصيرنا. فهذا القلق إذا هو اعتراف منا بخوفنا بسبب نقصنا، ولهذا كلما ازداد العقل معرفة ازداد فهما لنظام الطبيعة وكلما ازداد فهما لنظام الطبيعة ازداد مقدرة على تحرير نفسه من الأوهام التي تخيفه، لأن فهم الشيء وإدراك معناه ومعرفة كنهه وغايته كل ذلك يبعث الاطمئنان في النفس ويبعد الشعور بالخوف منه. وحينما يترعرع العقل في أحضان الفكر ويتغذى بحليب المعرفة تزول قيود الجهل قيدا بعد قيد وتنقص شدة الخوف درجة بعد درجة حتى إن صار ناضجا مطلعا على الحقائق وجد صاحبه نفسه سيدا حرا لا يخاف الأشياء والظواهر كيفما كانت بل يدركها ويقدر أسباب حدوثها.
هذه هي الحرية الحقيقية التي على الإنسان أن يسعى وراءها لكي يكون سعيدا ما دام يتسلح بأداة تدعى عقلا تمكنه من التخلص من كل المآزق وتجعله يشعر بالسعادة الدائمة التي تحققها لذة العقل.

ومن شأن هذا العقل أن يسخر من صاحبه إن أساء استخدامه وتعصب للأفكار الفاسدة، كما يستحيل عليه أن يغفر له الحالة التي يوصله إليها عقلية دنيئة بسبب أهوائه العمياء، ففي الوقت الذي تخمد فيه جذوته يسلم العقل أمر صاحبه لقاضي التحقيق المسمى الضمير لينظر في قضيته. والويل من عذاب الضمير.

وإذا كان العقل يعاقب صاحبه إن أساء التصرف به، فإنه يمنحه السيادة ويحقق له المجد إن أحسن توظيفه ورفع من قدره. ويكفي الإنسان أن يكون موضوعيا في كل ما يفكر به ليرضى عنه عقله ويهديه أحسن السبل.


ت- العلم

ينحصر موضوع العلم في الكشف عن القوانين معتمدا على الوصف والملاحظة كما يعتمد أيضا على الافتراضات التي هي من وحي الواقع الذي يشاهده العالم والتي لا تكون ذات قيمة إلا إذا أكدتها التجربة وحققتها الملاحظة والاختبار. ولكن عن طريق العلم وحده لا ندري شيئا عن نظام الوقائع لأن العالم لا يهتم بالظواهر الكونية والإنسانية في منظورها الشمولي كما يفعل الفيلسوف وإنما يتخذ من مجموعة محددة من الظواهر المتشابهة والمترابطة ميدانا لأبحاثه فيقوم بدراستها وتتبع أحداثها وتطورها، وكل همه هو الكشف عن العلاقات القائمة بينها دون الاهتمام بالكشف عن ماهيتها أو غايتها، وبعد استكمال تجاربه يصوغ النتائج المحصل عليها في صيغة قانون لا يتعدى نطاق المجموعة المحددة من الظواهر التي تشكل ميدانه في حين أن التعميم عند الفيلسوف غير ذلك تماما لأنه يشمل مختلف الظواهر العامة ويعبر عنها في نسق عقلي شمولي.

إن نظرة العلم وحدها ليست كفيلة بتحقيق تقدم المعرفة الإنسانية. ومن الطبيعي ألا ننتظر منه تعليلا أو إيضاحا لعلة الأشياء ما دام يقتصر على الملاحظة والوصف، لذلك تشده روابط متينة بالفلسفة بالرغم من عدم اعترافه بفضلها عليه، إنها كانت ولا تزال تستخرج المادة الخام وتقوم بتقديمها للعلم ليشاهدها ويصفها ويحللها ويستنبط منها وقائع متعددة ثم يكشف عن قوانينها، وبما أنه لا يهتم بالكشف عن الماهية والغاية فإن الفلسفة تستخدم نتائجه وتقوم بتنسيقها بالنظر إلى تحسين الحياة الإنسانية.

ويشهد التاريخ بأن العلوم المختلفة سواء كانت طبيعية أو إنسانية إنما نشأت وترعرعت في أحضان أمها الفلسفة وبقيت مرتبطة بها وبغايتها إلى أن وصلت إلى المرحلة التي تشبه إلى حد كبير مرحلة إبراز الذات عند الإنسان (المراهقة) وتتطلب مرحلة كهذه العناية المركزة والمراقبة المستمرة والتوجيه الصحيح من طرف الوالدين معا حتى يتمكن الأولاد من اجتيازها بنجاح، وبعد هذه المرحلة مباشرة يصبح الإنسان ناضجا قادرا على بناء نفسه اعتمادا على نفسه حتى بعيدا عن والديه أي بعد استقلاله عنهما، وبالنظر إلى استقلال العلوم عن بيت أسرتها فهو لم يكن سليما لأنه تم قبل اكتمال مقوماته بسبب الخلاف الذي حصل وقتئذ بين الفلسفة أمها والدين أبوها والذي دفع بكل واحد منهما إلى العيش بعيدا عن الآخر.

وحسب تاريخ العلوم كان علم الفلك قد استقل على إثر اكتشافات العالم نيكولا كوبرنيك الذي برهن في كتابه " المطول في ثورات العوالم السماوية " على حركة الكواكب حول نفسها وحول الشمس، مما أحدث آنذاك ثورة في ميدان العلم تعرف بالثورة الكوبرنيكية التي قلبت المفهوم القديم لتصور الكون رأسا على عقب الذي كان يقوم على أساس أن الأرض هي مركز الكون كما أنه بين حركة الكواكب حول نفسها وحول الشمس. ويشهد تاريخ العلوم أيضا أن الفيزياء قد استقلت هي الأخرى عن الفلسفة ابتداء من القرن السابع عشر على إثر أبحاث كثير من العلماء منهم غالي ليه ونيوتن وديكارت وغيرهم. وفي القرن الثامن عشر قامت الكيمياء الحديثة بفضل مجهود عدد من العلماء وعلى رأسهم العالم الفرنسي لافوا زييه. وفي نفس الحقبة الزمنية نشأت علوم الأحياء على يد بيشا... وهكذا استمر استقلال العلوم وتفرعها إلى أن سيطرت على العلماء نزعة التخصص مما أدى إلى تفرع مهول للعلوم فنتج عن ذلك اختلاف بين هذه الفروع العلمية حول النظر إلى الظواهر المتشابكة والمتشعبة ثم بقي المشكل قائما بعد ذلك.

2 البيت الفكري:

من خلال ما استعرضناه لخصائص التيارات الفكرية الثلاثة يتبين لنا أن التفكير العلمي يؤمن بفكرة رئيسية يقوم عليها كيانه وهي مبدأ الحتمية كما أنه يتقيد بالتجربة ويلتزم بما هو كائن دون النظر إلى ما ينبغي أن يكون، وهو يختلف بذلك عن التفكير الفلسفي الذي يتقيد بالمنطق وينظر إلى ما ينبغي أن يكون بناءا على ما هو كائن. وهما معا يختلفان عن التفكير الديني الصادر أساسا عن الاعتقاد. لكن، ليس بمقدور لا الدين ولا الفلسفة ولا العلم أن يسحب أحدهم الستار لوحده عن الحقيقة المراد معرفتها من قبل إنسان الألفية الثالثة الذي يفضل أن يرى الأشياء في صورتها الكاملة بدقة متناهية.

وحتى لا ننسى الإجابة على السؤال الذي طرحته من قبل والذي يتعلق بكيفية تخليص الفكر من الفوضى سنعود إلى العقل بصفته المسؤول الوحيد عن حل مشاكل الإنسان والذي بإمكانه أن يجد وسيلة يخلص بها البيت الفكري من الفوضى التي تعمه. وما من طريق أمامه عدا أن يجعل الفلسفة تدرك خطورة ما آل إليه الوضع من جراء العداوة والكره اللذان تشعر بهما اتجاه أب أبنائها الدين على الرغم من طول مدة الانفصال بينهما، وبعد أن تدرك الفلسفة خطورة الوضع سيلزمها العقل على العودة إلى البيت الذي أسسه وشيده الدين وتم فيه إنجاب العلوم. لكن وقبل عودتها على الفلسفة أولا تصحيح الصورة التي رسمتها في مخيلة أبنائها العلوم عن أبيهم الدين ثم إقناعهم بأي شكل حتى لو بإغرائهم بمادة خام جديدة تكون مستخرجة من تربته من أجل انضمامهم إليها ثانية ومرافقتهم لها خلال عودتها إلى بيت الأسرة الفكرية.

إن الأسرة الفكرية أو النظمة الثلاثية الفكرية لا تعد مركبة بهذا الاعتبار من أجزاء تختلف طبيعة بعضها عن بعض، بل هي وحدة تهدف في نشاطها إلى تحقيق التواصل الكلي. فوحدها هذه النظمة تملك القدرة على إرشاد الإنسان إلى المعرفة الصحيحة وإلى شعوره بأنه جزء مهم من الكل، لذلك هي ملزمة بمقاومتها للتجزئة للحفاظ على نفسها خاصة أن اعتماد الإنسان عليها في طلبه للمعرفة سيجعله يتذوق لذة العقل وبالتالي سيعيش سعيدا.



أخي الإنسان،

لو تأملت جيدا وركزت مليا على الكون ستجد فيه الأشياء كلها تخضع لنظام نشعر به ونلمسه كذلك، هو نظام شمولي يضم أنظمة جزئية عديدة ومختلفة لكن رغم اختلاف وظائفها تبقى دائما محتفظة بنفس الخصائص.

وتعد النظمة الثلاثية أصغر جزء في هذا النظام إنها الجزء الذي لا يتجزأ فيه، وإذا تجزأت لن يبقى هناك نظام فتعم الفوضى.

في الفكر

النظمة الثلاثية الفكرية ، ومن خلال ما يمكن فهمه من الفقرات السابقة، هي وحدة نظام الفكر تهدف في نشاطها إلى تنظيم الفكر وتحقيق التوافق بين الدين والفلسفة والعلم، وهذه الوحدة هي الأسرة الفكرية. وكما سبق أن قلت فقصة ظهور الفلسفة إلى جانب الدين الذي نشأت منه تشبه إلى حد كبير قصة ظهور أمنا حواء إلى جانب أبونا آدم الذي خلقت منه، وإذا كان تعايش و تكامل آدم وحواء نتج عنه ظهور كل المجتمعات فإن تكامل الفلسفة والدين تولدت عنه كل العلوم.

في الاجتماع

النظمة الثلاثية الاجتماعية هي وحدة نظام البشرية تهدف إلى تطور الجنس البشري واستمراريته. وهذه الوحدة هي الأسرة المؤلفة من الرجل والمرأة والأولاد والتي تعد أصغر جزء في نظام البشرية. وهذا ما سأتطرق إليه في الفصل الثاني.

في المادة

النظمة الثلاثية المادية هي وحدة نظام المادة، تهدف إلى حفظ الطاقة التي تمتلكها هذه الأخيرة، هذه الوحدة هي الذرة التي تتألف من البروتونات والنيوترونات ثم الإليكترونات. ثلاثة أشياء مرتبطة فيما بينها تماما كما وجدنا في الفكر و كما سنرى في الاجتماع. الأول ينتج عنه الثاني وبفضلهما معا ينتج الثالث والغاية واحدة هي الاستقرار والتوازن. وسأعود لتوضيح ذلك بالتفصيل في الفصل الثالث.



منير قنيش
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عظيمة

عظيمة



لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ Empty
مُساهمةموضوع: رد: لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ   لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ I_icon_minitimeالثلاثاء 11 أكتوبر 2016, 4:51 pm

شكرا لك علي المقال الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://neronet-academy.com/
 
لذة العقل ـ رسالة إنسان إلى كل إنسان ـ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مبدأ عمل العقل
» دعوة للمشاركة في مشروع اكتشاف لذة العقل
» دعوة للبدء بتفعيل مشروع اكتشاف لذة العقل
» رسالة إلى علم النفس من أمه فلسفة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى لذة العقل  :: الفكر الحر :: منتدى رؤى-
انتقل الى: