يظن البعض أن نظام الطبقات سائد في البنى الاجتماعية ذات الهيكل الهرمي كالمنظمات والمؤسسات والدول وما إلى ذلك ....ويلاحظ البعض أن نظام الطبقات سائد في البنى الطبيعية بدءاً من بنية الذرة ومروراً ببنية الأرض وانتهاء بالمجموعات الشمسية ...في الحقيقة كل ذلك صحيح لكنه غير كاف ...بل يمكن القول إن نظام الطبقات يتحكم بظاهرة السلوك الاجتماعي للكائنات الحية عموماً.. فهو يتحكم بطرائق تفكيرنا وتوجيه مشاعرنا ..كل ذلك لأن نظام الطبقات يكون مصحوباً دائماً بدليل منظم للصلاحيات فعلى صعيد البنى الاجتماعية مثلاً فإن نظاماً طبقياً كنظام ( الحزب) يتجلى فيه دور كل طبقة في الهيكل التنظيمي للحزب بما يحدد صلاحيات تلك الطبقات على أساس الامتيازات التي تمنح لأفرادها لذا فإن الخلل يحدث عند حدوث تجاوز في ممارسة الصلاحيات من بعض الأفراد الذين ينتمون إلى طبقة معينة بحيث يمارسون صلاحيات الطبقة الأعلى دون حق التمتع بامتيازاتها ....وهذا ما يوصّف الخلل أيضاً في منظمات ومؤسسات اجتماعية أخرى كمؤسسة الأسرة أو المدرسة أو الجامعة أو غير ذلك ....
إن تحديد حق ممارسة صلاحيات معينة للأفراد أو للجماعات يتم حسب الامتيازات التي يتمتعون بها وفقاً لنظام الطبقات يعني على الصعيد النفسي لشخصية الفرد أننا نقوم بجدولة أفكارنا ومشاعرنا أفقياً بحيث نشكل طبقات من الامتيازات الدينية والجنسية والمجتمعية لكل فرد حسب طبقته , وبناء على هذه الامتيازات يمكن قراءة ممارسات الفرد لصلاحياته المختلفة ...لذا فإن حيازة المزيد من الامتيازات للفرد يصبح هو الهم الشاغل مدى الحياة ..وكما في مشهد الصراع بين ذكرين من نوع واحد من الطيور أو الزواحف أو الثدييات للفوز بالأنثى (صلاحية التزاوج ) فإن التنافس على الصلاحيات يستدعي الصراع أحيانا كما يستدعي إثبات الامتيازات أمام الآخرين ....
إن البنى الاجتماعية كافة تنحو لتنظيم نفسها وفق هيكل طبقي بشكل عفوي ..وكل ذلك ناجم في الأصل عن أن النظام الطبقي يمثل المنحى الفطري والغريزي لترتيب الأولويات في الوعي عند الكائنات الحية ...هذه الأولويات في الحقيقة ليست سوى دوافع الكائنات الحية للاحتفاظ بالحياة ..وعندما يتم تحديد الأولويات حسب ضرورتها للاحتفاظ بالحياة فإن أشد الدوافع ضرورة للحياة يوجه سلوكياتنا ومشاعرنا وأفكارنا ويبسط سيطرته على كل حركة وسكنة فينا ..فإذا تم تأمين احتياجات هذا الدافع فسيظهر تأثير ما يليه من الدوافع من حيث الضرورة ليفعل في تأثيره فعل الدافع السابق مع بقاء نفوذ الدافع السابق عند تحوله إلى عامل محدد (كمصطلح حيوي ) . وهكذا تتشكل طبقات من الدوافع تتحكم بسلوكياتنا الطبقية ..